مرض الهيموفيليا
ما هو مرض الهيموفيليا؟
الهيموفيليا مرض وراثي يصيب الذكور دون الإناث وينتقل عبر الأم ويؤدي إلى النزيف نتيجة نقص أحد عوامل التجلط ويطلق عليه أيضا الناعور أو النزاف. وقبل الخوض في الهيموفيليا نعرج على نظام التجلط الذي منحه الله سبحانه وتعالى للإنسان للتحكم بالنزف. هنالك أكثر من ١٣ عامل تجلط تتكامل مع الصفائح الدموية والأوعية الدموية لمنع النزف وعند الحاجة يقوم نظام التجلط المعقد بتنشيط عوامل التجلط على التوالي حتى حدوث الجلطة التي تمنع النزف وأي نقص في أي من هذه العوامل يؤدي إلى النزف. ومن تلك العوامل عامل ٨ ونقصه يؤدي إلى الهيموفيليا (أ)، كذلك عمل ٩ ونقصه يؤدي إلى الهيموفيليا (ب).
ماذا تعرف عن التاريخ المرضي للهيموفيليا؟
وقد أطلق على الهيموفيليا بالمرض الملكي حيث كان سائد بين العوائل الملكية الحاكمة بأوروبا، وقد انتقل المرض من الملكة فيكتوريا أوجيني ملكة إسبانيا وحفيدة الملكة فكتوريا ملكة بريطانيا ولم يستطع الطب في ذلك الوقت تقديم المساعدة.
وقد وردت أحكام شرعية في التلمود تدل على الهيموفيليا كما وردت في السجلات الفرعونية.
وقد ذكر الزهراوي في التصريف في القرن العشرين كان العلاج يتمثل في منتجات البلازما إما البلازما كاملة أو مستخلص عامل ٨ أو ٩ المست خرج من البلازما البشرية.
وعند حدوث عدوى الإصابة بمتلازمة نقص المناعة اجتاح المرض عدد كبير من المرضى ومع بداية القرن الحادي والعشرون أصبحت مستخلصات البلازما أكثر أمانا وبدء استخدام عامل ٨ و ٩ المصنع. وحين كان المصابون بالهيموفيليا يموتون مبكراً قبل عقدهم الرابع ومع توفر الرعاية الطبية أصبحوا يعيشون كما باقي المجتمع.
ما هو مدى انتشار مرض الهيموفيليا؟
تنتشر الهيموفيليا حول العالم وتنتشر الهيموفيليا (أ) بمعدل مريض لكل ٥٠٠٠ – ١٠٠٠٠ فرد ذكر متجمع وأما الهيموفيليا (ب) فمريض لكل ٢٥٠٠٠ فرد ذكر مجتمع ونظراً لعدم وجود سجل وطني لأمراض النزاف بالمملكة فلا نعرف العدد على وجه الدقة ولكن تقديريا يوجد أكثر من ٣٠٠٠ مريض بالمملكة. تشكل الهيموفيليا (أ) ما نسبته ٨٠ ٪ من حالات الهيموفيليا والهيموفيليا (ب) ما نسبته ٢٠ ٪من حالات الهيموفيليا.
كيف يحدث مرض الهيموفيليا؟
يحمل الذكر نسخة من الكروموسوم (الصبغي) X ونسخة من الكروموسوم Y، بينما تحمل الإناث نسختين من الكروموسوم X. يحصل المولود على كروموسوم واحد من الأم وكروموسوم واحد من الأب، فإذا حصل المولود على كروموسوم X من الأب وكروموسوم X من الأم كان المولود أنثى، أما إذا حصل على كروموسوم Y من الأب وكروموسوم X من الأم كان المولود ذكر.
يقع الجين المصنع لعاملي التجلط ٨ و ٩ في الكروموسوم X لذا يصيب الهيموفيليا الذكور حيث إن الإناث يعوضن الجين المعطوب في أحد الكروموسومين بالآخر.
وتنقل الأم أحد الكروموسومين X لابنها فإذا انتقل جين الهيموفيليا (المعطوب) على الكروموسوم X إلى المولود الذكر فيكون مصابا بالهيموفيليا أما إذا انتقل الجين السليم
يكون صحيحا وكذا وضع الأنثى ولكن تكون حاملة للمرض وتنقله لأبنائها لاحقا.
ونادراً ما تصيب الهيموفيليا الإناث نتيجة زواج أب مصاب بالهيموفيليا من أم حاملة للمرض أو نتيجة كسل الكروموسوم X الصحيح لديها.
هنالك ٣٠ ٪ من الذكور المصابين بالهيموفيليا أو الإناث الحاملين للهيموفيليا لديهم طفرة جديدة غير منتقلة من الأبوين.
ماذا تعرف عن أنواع مرض الهيموفيليا ؟
تنقسم الهيموفيليا من حيث شدة المرض وكمية عامل التجلط في الدم فالهيموفيليا الشديدة تكون كمية عامل التجلط أقل من ١٪ وعادة ما يكون النزيف تلقائي والهيموفيليا المتوسطة تكون كمية عامل التجلط ١ – ٥٪. ويكون النزف عادة بعد التعرض لإصابة والهيموفيليا الخفيفة تكون كمية عامل التجلط ٥ – ٣٠ ٪ ونادر ما يحدث نزيف.
متي تظهر أعراض مرض الهيموفيليا؟ وما هي أعراضه؟
عادة ما تظهر أعراض المرض مبكراً بمجرد بدء المشي أو قبل ذلك عند الختان، تبدأ الأعراض بالكدمات. تنقسم الأعراض إلى ثلاثة أنواع:
الأول النزف البسيط
مثل الكدمات والرعاف والنزف من اللثة.
الثاني النزف الخطر
مثل النزف في المفاصل أو العضلات أو نزف الأغشية المخاطية أو الجهاز البولي.
الثالث النزف الأشد خطراً
ويعرض الحياة للخطر مثل النزف الدماغي أو النزف من الجهاز الهضمي والبطن أو البلعوم والرقبة.
النزف في الدماغ يحدث عادة بعد التعرض لضربة بالرأس وقد تكون خفيفة وناراً ما يحدث بشكل تلقائي. وقد يحدث النزف حول النخاع الشوكي وفي كلتا الحالتين تكون المضاعفات شديدة ومنها الشلل أو الإعاقة .
كيف يتم تشخيص مرض الهيموفيليا؟
يتم تشخيص المرض عبر التاريخ المرضي للمريض والتاريخ العائلي وخصوصا النزف والجراحة ثم التحاليل المخبرية الزولية والتي تدل على المرض ومن ثم تأكيد التشخيص عن طريق فحص مستوى عامل التخثر في الدم وأخيراً التشخيص الجيني عبر تحليل الجينات لمعرفة نوع العطب الجيني تحديداً ونحتاج هذا الت حليل في بعض الحالات.
ما هي مضاعفات مرض الهيموفيليا؟
يعتبر الجهاز الحركي (المفاصل والعضلات) الأكثر عرضة للنزف وخصوصا مفصل الركبة والمرفق والكاحل. ٤٥ ٪ من نزف المفاصل يكون في مفاصل الركبة و ٣٠ ٪ في مفاصل المرفق و ١٥ ٪ في مفصل الكاحل. يتسم نزيف المفصل بتورم المفصل والألم وحرارة المفصل مع تقييد الحركة ويستطيع المر يض التنبؤ بحدوث النزف في المفصل. جميع العضلات عرضة للنزف ولكن أكثرها خطورة النزف في العضلة الحرقفية القطنية وتشبه أعراض النزف فيهده العضلة حالات ألم البطن الحاد مثل الزائدة الدودية. كما أن النزف في عضلة الساق )البطة( الأكثر انتشارا بين نزف العضلات.
النزف داخل المفصل يؤدي إلى تضخم الغشاء الزليلي المبطن للمفصل وهو غشاء يسهل حركة المفصل وتضخم الغشاء الزليلي يقلص المساحة داخل المفصل وتقليص حركة المفصل وفي مراحل متقدمة يتآكل الغشاء الزليلي ويؤدي إلى انكشاف العظم ومن ثم يؤدي إلى تآكل العظم والتصاق عظمتي المفصل ببعضهما مما يوقف عمل المفصل ويؤدي إلى إعاقة ذلك المفصل وبالتالي إعاقة المريض من الحركة.
كيف يتم علاج مرض الهيموفيليا؟
يعتبر التدخل الجراحي المبكر مهم في حالات تلف المفاصل سواء في المراحل المتقدمة أو المتوسطة أو المبكرة. ففي المراحل المبكرة يتم حقن المفصل بمواد مشعة تعالج الغشاء الزليلي وأما في المراحل المتقدمة فلا مناص من استبدال المفصل بآخر صناعي. ويعتبر العلاج الطبيعي حجر زاوية لمرض الهيموفيليا في تقوية العضلات وتحريك المفصل خصوصا بعد التدخل الجراحي أو بعد النزف.
يمكن علاج النزف بتعويض عامل التخثر الناقص عبر حقن عامل ٨ أو ٩ المصنع وريديا بالإضافة إلى حماية المفصل من الحركة والإجهاد والراحة واستخدام الثلج والضغط ورفع المفصل كما يمكن استخدام المعالجات الموضعية للنزف من الأنف والفم.
يعتبر التدخل العلاجي الوقائي المبكر محور المحافظة على سلامة المفاصل عبر استخدام عامل ٨ أو ٩ وقائيا وتعتمد الجرعة وعدد مرات الحقن الأسبوعية على نوع العلاج المستخدم ومدى تفاعل الجسم معه. وقد أثبتت العديد من الدراسات الفائدة القصوى لهذا النمط من المعالجة حتى أصبحت مبدئ علاجي ثابت لكل مصابي الهيموفيليا الشديدة. وتمت مقارنة المرضى الذين يلتقون العلاج عند الإصابات ووجد أن المرضى على علاج وقائي يتمتعون بصحة أفضل وبمفاصل أكثر سلامة وحركة وأقل نزف. كما وجد أن تكلفة العلاج الكلية لهؤلاء المرضى أقل ممن لا يتلقون العلاج الوقائي وجودة حياة أفضل وكلما بدء العلاج مبكراً كلما كانت النتائج أفضل.
قرابة ثلث مرضى الهيموفيليا يتولد لديهم مضادات ذاتية لعامل التخثر ٨ أو ٩. وعليه يجب فحص المضادات بشكل دوري لمرضى الهيموفيليا وهناك عدد من العوامل قد تؤدي لتولد المضادات أهمها النواحي الوراثية والعوامل الجينية. وتتم معالجة النزف لهؤلاء المرضى بطرق مختلفة، ففي حالات المضادات المرتفعة تتم المعالجة عبر عوامل أخرى تتجاوز عوامل التخثر، وأما الوقاية فتكون باستخدام عقارات لا تعتمد على عوامل التخثر أو العلاج الكيميائي أو غيرها.
ما هي أهم النصائح التي يجب أن يتخذها مرضى الهيموفيليا؟
لا ينصح لمرضى الهيموفيليا بممارسة الرياضات العنيفة مثل الملاكمة والاسكواش والتزلج على الماء والهوكي والمصارعة والرجبي وكرة القدم وهوكي الجليد والرقص وكرة السلة. كما يجب حثهم على ممارسة الرياضات الغير عنيفة مثل الجولف والسباحة والمشي والرماية والإبحار والتنس وركوب الدراجات وصيد الأسماك.
ما هي آخر تطورات علاج مرض الهيموفيليا؟
خلال السنوات القليلة الماضية حدثت ثورة في معالجة الهيموفيليا فهنا عوالم التخثر ممتدة الاستخدام حيث يمكن استخدامها مرة في الأسبوع أو الأسبوعين بدلا من ثلاث مرات في الأسبوع كما هو الحال في العوامل التقليدية وهنا الأجسام المضادة وحيدة النسيلة والتي تستخدم مرة في الشهر عن طريق الجلد وليس الوريد أو العلاج الجيني وهو العلاج الشافي للمرض.
ما هي أفضل أماكن معالجة مرض الهيموفيليا؟
من أجل جودة حياة أفضل ومعالجة أفضل يجب معالجة هؤلاء المرضى فيمركز معالجة الهيموفيليا من قبل فريق طبي متخصص يتكون من طبيب متخصص في الهيموفيليا وممرضة هيموفيليا وطبيب عظام وأخصائي علاج طبيعي وأخصائي اجتماعي، تتكاثف جهودهم في توفير الخدمة الطبية لمرضى الهيموفيليا والعلاج الشامل.
كيف تعرف المرأة أنها قد تكون مصابة بمرض الهيموفيليا أو ناقلة للمرض؟
ثلث النساء الناقلات للهيموفيليا يكون مستوى عامل التخثر ٨ أو ٩ أقل من ٦٠٪، ولهذا. يعانين من بعض أعراض النزف مثل الكدمات والنزف بعد العمليات الجراحية.
كما يعاني هؤلاء النسوة من غزارة الطمث وآلام الدورة الدموية ويمكن أن يستمر دم النفاس فترة أطول وأكثر غزارة. ويتم تشخيص هذه الحالات عبر التاريخ المرضي العائلي ومستوى عامل التخثر في الدم والتحليل الجيني.
ماذا تعرف عن الهيموفيليا المكتسبة؟
وهناك نوع نادر من الهيموفيليا وهو الهيموفيليا المكتسبة وهو ليس وراثي ولكن يحدث نتيجة إفراز الجسم لمضادات ضد عامل التخثر ٨ مما يؤدي إلى تعطيل عمله ونقصه، ويقترن المرض في ٥٠٪ من الحالات بأمراض المناعة الذاتية الأخرى. ويعاني المصابون بنزف في الجلد أو الجهاز الهضمي أو البولي قد يؤدي إلى الوفاة. ويعالج هؤلاء المرضى كما يعالج الهيموفيليا عند حدوث المضادات.